الهندسة ليست مواد تدرس, بل أسلوب حياة

الهندسة ليست مواد تدرس, بل أسلوب حياة بريمو هندسة primo engineering

إن دراسة الهندسة ليست عبارة عن مواد رياضية و رسم و هندسة و غيرهم تقوم بدراستهم فقط, إن دراسة الهندسة هي إعادة برمجة كاملة لعقلك و تفتيح مداركك و حواسك لترى بشكل أوسع و تستطيع أن تتعامل مع أي شيء في العالم.

معنى أن تصبح مهندسًا هو أن تفكر كالمهندس و تنام كالمهندس و كل تعاملاتك اليومية تكون كالمهندس, على سبيل المثال حتى في الطبخ ستطبخ كالمهندس فعلًا!

تعلمت في الهندسة أنه أي مشكلة تواجهني أقوم بتحليلها و تفصيلها تفصيلًا دقيقًا و دراسة كل جزء على حدة حتى أصلحها تمامًا و هذا المبدأ أعيش به حياتي كلها, فمثلًا إذا أخبرتك أنني أريد اليوم أن أتناول بعض الكعك...الإنسان الطبيعي سيذهب إلى المتجر و يشتري بعض الكعك و يتناوله, و لكن إذا كنت تفكر كالمهندس سيكون الموضوع مختلف تمامًا, أولًا سأقوم ببعض الحسابات في رأسي و أسأل نفسي أسئلة لتوصلني إلى هدفي مثل "ما الذي أحتاجه لصنع كعكة؟" "كم سيكلفني ذلك؟" سأقوم أولًا بدراسة تفصيلية للكعك و أكتشف ما المكونات التي أحتاجها لصنعها من طحين و بيض و حليب و سكر و زبدة و غيرها, ثم أقوم بحساب كلفة ذلك و أتوقع حجم الكمية التي سأنتجها من هذه المكونات ثم بعد ذلك أقوم بتسعير الكعك الذي صنعته و بعدها أقوم بمقارنته مع منتج الكعك الجاهز من حيث الجودة و الطعم و الصحة و السعر و هذه الأشياء. عندها أقرر هل من الأفضل لي صنع الكعكة أم شرائها ؟ و هذه هي طريقة تفكير المهندس الصحيحة فأنا إنسان منتج و موفر و دائمًا يجب أن يكون لديّ أكثر من خطة. 

الهندسة ليست مواد تدرس, بل أسلوب حياة بريمو هندسة primo engineering
و على هذا المنوال تكون كل أمور حياتي فقبل كل خطوة تقوم بها يجب أن تقوم بدراستها جيدًا و تتأكد أن هذه هي أفضل حركة تقوم بها, قد تستغرب و تقول أن هذا تعقيد و أمر صعب و لكن لن تفهم ذلك ما لم تجربه و ترى مميزاته, فكونك تفكر كالمهندس هذا يجعلك إنسان منتج و ليس إنسان مستهلك, على سبيل المثال أنا لا أحتاج الآن أن أذهب لمركز الصيانة عندما تتعطل إحدى الأجهزة الكهربائية في بيتي, بل أقوم أنا بتفحصها بنفسي و البحث عن هذه المشكلة و دراسة طريقة حلها و تصليحها بنفسي و هذا الشيء وفر عليّ الكثير من المال و الوقت و أكسبني الكثير من الخبرة, و ليست الأجهزة الكهربائية فقط في جميع أعمال الصيانة و جميع مشاكل الحياة عمومًا فأنا لا أذهب مباشرة للحل النهائي و هو أن ألجأ لمركز الصيانة أو توكيل الخدمة, في البداية أسأل نفسي "هل أستطيع إكتشاف المشكلة و حلها بنفسي أم لا؟" و بفضل هذا لقد وفرت الكثير من المال و الجهد و الوقت لتصليح أغراضي و في نفس الوقت إكتسبت خبرة و تعلمت أشياء جديدة. و هذا هو معنى كونك مهندسًا أي أنك تكتشف بإستمرار و تتعلم بإستمرار.

إذا مرّ عليك يوم و لم تتعلم شيء جديد فاعلم أنك ضيعت يوم من حياتك الثمينة.
و إذا كنت تجيد أمور هندسية فأنت رجل مهندس أما إذا كنت تجيد الأمور كلها فأنت مهندس محترف.

الأفضل هو أن تتعلم كيف تعلم نفسك و ليس أن تتعلم كيف تنجز المهمة, و هذا هو تفكير المهندس و طريقة أن تعيش كمهندس و هو أن لا توقفك أي مشكلة بل تفصلها و تحللها و تقضي عليها.

علّم نفسك بنفسك, إسأل كثيرًا فإن الأسئلة هي المفتاح الذي سيقودك نحو المعرفة و ينير لك الطريق. أتذكر عندما كنت صغيرًا و أشاهد فيلم الرجل الحديدي كنت مذهولًا للغاية و كم أتمنى أن يكون لديّ مثل هذه البدلة الخارقة و لكن حينها كان مجرد تفكيري هو الذهول و التمني, الحمدلله بعد أن إلتحقت بكلية الهندسة بدأت أن أفكر بشكل منظم و سألت نفسي "ما الذي أحتاجه لصنع هذه البدلة ؟" و قمت بتجميع المعلومات الكافية و قمت بصناعة ذراع آلية كاملة و ها هو حلمي الصغير تحق بسبب تغيير طريقة تفكيري فإذا لم أكن إتبعت خطوات التفكير الهندسية لكان حلمي هذا مازال حلمًا.

الهندسة ليست مواد تدرس, بل أسلوب حياة بريمو هندسة primo engineering
بالنهاية فإن الهندسة من وجهة نظري ليست مواد تدرس أو لقب تحصل عليه, الهندسة هي أسلوب حياة كامل. هي طريقة تفكير مختلفة تجعلك ترى الأمور من جهات مختلفة لتحدد أي جهة هي الأسهل و الأكثر كفاءة.



مقالات ذات صلة 



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-